نظرا لما تزخر به الحياة من تعقيدات ومشاكل استجدت مع متغيرات العصر الحديث ومصاعب الحياة اليومية علي الصعيد المادي والأجتماعي والمهني وقسوة وتيرة الحياة، ازدادت الأمراض النفسية انتشارا وكلما كانت الأسباب المؤدية لهذه الأمراض مركبة، كلما أصبح المرض ذاته مركبا.
وبالتالي يكون العلاج صعبا وفقا لمستوي شدة المرض، ومن أبرز الأمراض الخفية التي يعاني منها الكثيرون هو مرض الأكتئاب، ويصيب مرض الأكتئاب مختلف الفئات الأجتماعية والعمرية، فليس غريبا أن نري طفلاً في الثانية أو الثالثة من عمره مصابا بالأكتئاب أو شيخا كبيرا بلغ من العمرأرزله.
لكننا في هذا التحقيق سوف نسلط الضوء علي المرأة نظرا لأنها من أكثر الفئات المعرضة للأكتئاب لأسباب سوف نسوقها في السطور التالية.
وبالطبع سوف نفسح المجال لأحدث ما توصلت إليه النظريات العلمية الحديثة التي تتصدي لهذا المرض النفسي الذي قد يصل الأمر به إلي أن يودي بحياة الشخص بعد إذ يأس من إيجاد حلول لمشاكله أو سبباً تكمن وراءه حياته.
المرأة هي الضحية الأولي للاكتئاب!من هم الناس الأكثر تضررا من الاكتئاب؟ دون شك،إنها المرأة ... فهي عرضة لنوبات الأكتئاب بنسبة تصل إلي الضعف قياسا بالرجل. ويزداد خطر التعرض لهذا المرض إذا كانت المراة مطلقة أو غيرعاملة.
من هم الناس الأكثر تضررا من الاكتئاب؟قامت إحدي الدراسات بإدارة البحث والتقييم والأحصاء بفرنسا Direction de la Recherche des Etudes de l’Evaluation et des Statistiques (DREES) بمحاولة الإجابة علي هذا السؤال ... وكانت النتيجة: المرأة على رأس جميع الفئات.
النساء الأكثر تضررا من الاكتئابالنساء هن أولي ضحايا الأكتئاب ... حيث تبين مختلف الدراسات الاستقصائية التي أجريت في فرنسا أنه هناك ما بين 3 و 4 نساء متضررات من الاكتئاب في مقابل اثنين من الرجال.
وهذا الأمر لا علاقة له بالظروف المعيشية للنساء (كانخفاض الأجور، متوسط العمر المتدني المتوقع...).
هذا المعدل حقيقي حتي إذا ما ربطناه بعوامل الخطر في نفس المستوي العمري لدي الرجال...(وضع وظيفي متساوى، نفس مستوي المؤهلات الدراسية): لكن النتيجة أن المرأة كانت أكثرعرضة مرتين من الرجل للإصابة بنوبات الأكتئاب .
أسباب الاكتئاب لدي الإناث:
ما هي أسباب ذلك الضعف لدي المرأة؟
أولا: تجدر الإشارة إلى أن الفجوة بين الرجل والمرأة غير واقعية، فالرجال أكثر عرضة للاكتئاب إلا أن الأرقام لا تظهر ذلك.
فإلاكتئاب يصعب تقديره لدي الرجال لأنهم لايعترفون بسهولة بالأكتئاب وقليلا ما يطلبون المشورة بهذا الصدد. ولكن حتى مع هذه المراوغة، من الواضح أن هناك ضعفا أكثر في صفوف النساء.
فالمرأة بطبيعتها مخلوق ضعيف، مرهفة الاحساس، عطوفة وعاطفية، تتأثر بشكل أكبر بما تصادفه من مشكلات أو عراقيل أو منغصات، فبالإضافة إلي الضعف الجسماني قياسا بالرجل فهي أكثر ضعفا من الناحية النفسية وهي بحاجة دائمة إلي من يتفهم مشاعرها وتقلباتها النفسية، العصبية والمزاجية، وهي تحتاج دائماً، علي عكس الرجل، إلي من يدعمها أو يقدم لها العون فيما تجابهه من مصاعب الحياة، لكن بالطبع، لا تتسني تلكم الأمور بشكل دائم، مما يعرضها للسقوط في نوبات الأكتئاب.
وقد تعتري الحياة كثيرا فقدان أناسا نكن لهم حباً جارفاً أو أعزاء أو أقرباء أو التعرض لفقدان علاقة حميمة، ونظراً لحس المرأة المرهف، فهي لا تتحمل تلك الأمور بشكل يسير وتتأثر بالصدمات.
أما الرجل فبوسعه أن يكتم آلامه لأنه في أغلب الأحوال يخجل من مجرد إبداء حزنه أوضعفه أو هزيمته ومنهم من يعتبر الأمر في سياق تحدي ينبغي أن يفوز بمعركته. لكن ربما كان ذلك الكتمان من ضمن العوامل التي تؤدي إلي تفاقم الأكتئاب (لدي البعض) نتيجة للكبت.
الزواج يحمي من الاكتئاب:هناك عدم مساواة أخرى تكشفت عنها التحقيقات: يعتبرالزواج من العناصر الواقية من الاكتئاب. فوجود شخص نعتمد عليه، يمكننا من مواجهة العواصف.
ونري اختلافا في مخاطر الإصابة بالاكتئاب على أساس الوضع العائلي: فالشخص المتزوج أقل عرضة للاكتئاب من الغير متزوج، ومن بين الأشخاص الذين يعيشون وحدهم ولديهم احتمالات أكبر للتعرض للأكتئاب هن المطلقات والأرامل.لأن الأنفصال يضاعف من احتمال الإصابة بالأكتئاب إلي مرتين أو ثلاثة .
ملاحظة: الرجال أكثر تعرضا للترمل، والنساء أكثر للانفصال.
البطالة : من عوامل الخطر للاكتئاب :ولا غرابة، فالخمول هو أحد عوامل الخطر الرئيسية المؤدية للاكتئاب. فقد أصيب ما لا يقل عن 16% من العاطلين عن العمل بنوبات الاكتئاب.
الرجال هم الأكثر تضررا من نقص العمل. ومستوى الدخل لا يحمي من مشاكل الاكتئاب: بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية، فالعاطلين عن العمل هم المتضررين من فقدان وظيفتهم.
المرأة، العاطلين عن العمل والمطلقات هم الفئات الأكثر تضررا من الاكتئاب. وينبغي لدي هؤلاء تحديداً أن تكون الوقاية والسيطرة أقوى لتفادي الدخول في نوبات الاكتئاب.
أعراض الاكتئاب:
كثيرا ما يتعرض الناس لنقصان في الطاقة ونوبات الحزن. ولكن إذا ما ظل هذا الوضع قائما ولم يتم استعادة الروح المعنوية، هنا ينفتح الباب للإصابة بالاكتئاب. ولكن كيف يمكن التعرف عليه؟ وما العلامات التي تعكس هذا المرض؟ وما هو الحد الذي ينبغي التدخل عنده في أقرب وقت ممكن.
الاكتئاب : إشارات الإنذار والتدخل المبكر:من المهم التعرف علي علامات الاكتئاب في وقت مبكر جدا. لأنه كلما كان التعامل مع هذا المرض في وقت مبكر، سيكون من السهل الشفاء منه .
ولكن كيف نتعرف على أعراض هذا المرض الذي يصيب الحالة المزاجية والنفسية ؟ وما هي الاضطرابات المصاحبة التي قد تظهر مشكلة الاكتئاب؟
الصلة الوثيقة بين الاكتئاب والنومالاكتئاب والنوم تربطهما صلة وثيقة جداً. فمشاكل النوم والاستيقاظ في الليل كثيرا ما تكون من بين الأعراض المصاحبة لنوبات الاكتئاب. لأن المخاوف تعيق النوم. عليك باكتشاف العلاقة بين الأفكار السوداء والليالي المؤرقة. هل تعانين من اضطرابات النوم؟ هل أصابك التعب؟ ماذا لوكان هذا هوالاكتئاب؟
النوم أول ضحية للاكتئابالنوم والصحة العقلية تربطهما صلة وثيقه. فبمجرد حدوث مشكلة نفسية، يكون هناك اضطراباً في النوم .
وهذا الأمر ينطبق بصفة خاصة علي الاكتئاب. فعادة ما يتلازم الاكتئاب باليقظة المبكرة: الشخص المصاب بالمرض يستيقظ في وقت مبكر جداً، أحيانا من الساعة الثالثة فجراً! ويتقلب كثيراً في فراشه مستعرضا الأفكارالسوداء، وأخيراً يستطيع النوم ... عندما يحين الوقت للأستيقاظ!
من الضروري تحديد هذه المشكلة باعتبارها من أعراض الاكتئاب. لأن العديد من الأشخاص يتعاملون مع هذا الأمر بوصفه اضطرابا في النوم، ويعمدون إلي تناول الحبوب المنومة، دون معالجة السبب الحقيقي، ألا وهو الاكتئاب.
ومع ذلك، إذا ما تم تحديد الاكتئاب مبكرا وإيلاءه عناية كبيرة، فسوف يمكن علاج النتائج المترتبة على الأرق كما يمكن أن ينظر إليه على أنه علاجا مكملاً.
الشعوربالتعب من أعراض الاكتئابمن ضمن الأعراض الأخري المعروفة للاكتئاب هو الشعور بالتعب . وليس التعب الجسماني فحسب (كنقص الطاقة، والنعاس...) بل والتعب النفسي أيضاً: عدم وجود الطاقة، وفقدان الحافز على العمل، بل أيضا في أوقات الفراغ...
كما أن هناك علاقة بين الاكتئاب ومرض آلام الألياف العضلية الـfibromyalgie.... وهو المرض الذي يؤدي الى شدة التعب، واضطرابات النوم والألم. بعض الخبراء أيضاً يشيرون إلى أن هذا الهجوم قد يكون في الواقع نوعاً من الاكتئاب.
يتبع